الإبداع الاجتماعي: عندما تتحول الأفكار إلى حلول تحدث فرقاً حقيقياً

في عالم تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والبيئية يوماً بعد يوم، يظهر الإبداع الاجتماعي كأحد أهم المفاتيح لتغيير الواقع نحو الأفضل. إنه ليس مجرد فكرة جديدة، بل طريقة مختلفة في التفكير والعمل، تهدف إلى إحداث أثر إيجابي ومستدام في المجتمع، وليس فقط تحقيق الربح.

ما هو الإبداع الاجتماعي؟

الإبداع الاجتماعي هو الإبداع في أفكار، منتجات، خدمات أو نماذج جديدة تعالج التحديات الاجتماعية أو البيئية بطريقة مستدامة وفعالة.
يتعلق الأمر بتطوير حلول تُمكّن الأفراد والمجتمعات من تحسين حياتهم بأنفسهم، من خلال أدوات جديدة أو طرق مبتكرة في التعليم، الصحة، البيئة، التشغيل، أو الاقتصاد المحلي.

الفرق بين الإبداع الاجتماعي والمقاولة الاجتماعية

غالباً ما يُخلط بين المفهومين، لكن هناك فرق بسيط وواضح:

الإبداع الاجتماعي هو الفكرة أو الحل الجديد الذي يقدّم طريقة مختلفة لمعالجة مشكلة اجتماعية.

المقاولة الاجتماعية هي تحويل هذا الحل إلى مشروع أو مبادرة مستدامة تُحقق أثراً اجتماعياً حقيقياً على أرض الواقع، مع تحقيق دخل مالي يضمن استمرارية المشروع دون أن يكون الربح هو الهدف الأساسي.

نماذج من الإبداع الاجتماعي في برامج MCISE

من خلال برامج مثل تاموري (TAMURI)، يحتضن المركز المغربي للإبداع والمقاولة الاجتماعية (MCISE) مشاريع تُجسّد روح الإبداع الاجتماعي في مجالات مختلفة:

Yaraa Calligraphy – جمعية اليراع لمريدي الخط والإبداع

إنزكان I جهة سوس – ماسة 

اعتمدت الجمعية تقنيات الخط العربي في برنامج تدريبي مدته 30 ساعة لتحسين خط وإملاء التلاميذ، مما ساهم في تعزيز أدائهم الدراسي وثقتهم بأنفسهم.
استفاد من البرنامج بشكل مباشر 950 تلميذاً وأستاذاً، بينما بلغ عدد المستفيدين غير المباشرين حوالي 1200 شخص.

قبل المشاركة، كان أغلب التلاميذ يعانون من ضعف في التنظيم وصعوبة في الكتابة، لكن بعد التدريب أصبحوا أكثر نظاماً وحيوية وثقة بالنفس، مع تغيّر واضح في طريقة التفكير والانضباط داخل الفصول الدراسية.
تُنظَّم هذه الدورات داخل المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة، مما يسهّل ولوج التلاميذ إلى خدمات تعليمية نوعية كانت غائبة عن المناهج الرسمية.

كما أصبح المستفيدون أكثر انخراطاً في الأنشطة الثقافية والفنية والتربوية، حيث يشاركون بانتظام في الفعاليات المحلية، مؤكدين شعورهم بالانتماء الحقيقي إلى مجتمع الجمعية وحياتها اليومية.

Association santé et développement Benslimane – جمعية الصحة والتنمية بنسليمان

بنسليمان I ‏جهة الدارالبيضاء – سطات

تعمل الجمعية على تحسين صحة الأمهات والأطفال من خلال مبادرات مبتكرة تُقرب الخدمات الصحية من النساء، خصوصاً في المناطق القروية.

من أبرز برامجها مشروع «قابلتي» الذي يقدّم خدمات صحية متكاملة للنساء الحوامل داخل منازلهن، مما يضمن لهن رعاية آمنة ومريحة وفق معايير وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.

تشمل هذه الخدمات:

  • الفحص الطبي والمتابعة الصحية المنتظمة.
  • الفحص بالصدى لمتابعة نمو الجنين.
  • إجراء التحاليل الطبية الضرورية لضمان سلامة الأم والجنين.
  • الدعم النفسي لتخفيف القلق والتوتر أثناء الحمل.
  • مراقبة دقيقة تراعي المعايير الوطنية للصحة الإنجابية.

وقد استفادت من هذه الخدمات 81 امرأة حامل، ما ساهم في تحسين صحتهن وصحة أجنتهن بشكل ملحوظ.
كما نظمت الجمعية:

  • 43 حملة طبية وتوعوية لفائدة النساء في الإقليم.
  • 38 حملة تحسيسية حول أهمية التغذية خلال الألف يوم الأولى من الحياة في الجماعات القروية والحضرية.
  • 5 حملات توعوية داخل النوادي النسوية والمراكز الثقافية.
  • حصص توعوية استفادت منها أكثر من 4000 امرأة حول الصحة الإنجابية والتغذية.
  • مراقبة الحمل لـ 1600 امرأة وتزويدهن بالمكملات الغذائية والفحص بالصدى.
  • دورتين تكوينيتين في مجال الصحة الإنجابية والمستجدات لفائدة 50 مستفيدة.

بفضل هذه الجهود، حصلت الجمعية على جائزتين وطنيتين تقديراً لعملها الميداني المتميز في تعزيز صحة النساء والأطفال.

Association Al Ikleel – جمعية الإكليل للطفولة والشباب والنهوض بذوي الإعاقة

بني ملال I جهة بني ملال – خنيفرة

تعمل الجمعية على تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من خلال التعليم الدامج والتدريب المهني لفتح آفاق جديدة نحو الاستقلالية وتكافؤ الفرص.

من خلال مشروع Édu Solidaire، توفر الجمعية مركز تعلم مجاني للأشخاص ذوي الإعاقة، يقدم برامج تعليمية للطورين الإعدادي والثانوي، بالإضافة إلى تكوينات مهنية في الخياطة واللغات والدعم الأكاديمي، مما يمنح المستفيدين فرصة اكتساب مهارات جديدة تساعدهم على الاندماج في سوق الشغل والمجتمع.

تعمل الجمعية بشراكة مع الولاية، قطاع الشباب، والمديرية الجهوية لوزارة التربية الوطنية، وقد تمكنت من تحقيق نتائج ملموسة:

  • 296 مستفيداً مباشراً و472 مستفيداً غير مباشر في خمس أقاليم من جهة بني ملال–خنيفرة.
  • 180 شخصاً تلقوا تكوينات متخصصة في مجالات مختلفة.
  • 9 ورشات تكوين وتوعية نظمت لفائدة الفاعلين والمستفيدين.
  • 12 متطوعاً وعضواً ساهموا في تنفيذ الأنشطة الميدانية.

أحدث المشروع تغييراً ملموساً في إدراك وسلوك المستفيدين، حيث عبّر العديد منهم عن فخرهم بالحصول على شواهد النجاح والمشاركة النشطة في الحياة العامة.

كما ساهمت الجمعية في رفع مستوى المشاركة المجتمعية للأشخاص في وضعية إعاقة، بما يتناسب مع الموارد البشرية والمادية المتاحة، لتصبح منارة أمل للإدماج والمساواة في المنطقة.

لماذا الإبداع الاجتماعي مهم؟

لأن الأساليب التقليدية لم تعد كافية لمواجهة التحديات المعقدة التي يعيشها مجتمعنا.
الإبداع الاجتماعي يجمع بين الإبداع، التعاون، والتأثير ليخلق حلولاً واقعية تستجيب لاحتياجات المجتمع بشكل إنساني ومستدام.

هل تعرف مشروعاً يقوم على الإبداع الاجتماعي؟ أو ربما تعمل على فكرة يمكن أن تُحدث فرقاً في مجتمعك؟ 

شاركنا قصتك، فنحن نؤمن أن التغيير يبدأ من فكرة، وفكرة واحدة قادرة على بناء مستقبل أكثر عدلاً واستدامة.


Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *